سيدي محمد الأمين يكتب عن وضعية مأساوية للحجز الصحي بالجامعة
السقوط:
——-
هنا، في الحي السكني الجامعي ما يزيد على مائتي محجوز، وأقصى فكرة مجنونة لا يمكن أن تأتيك بأن لا يوجد هنا طبيب عام فأحرى أخصائي!
لكن هذا هو الواقع الذي اكتشفته قبل يومين عندما اتصلت بي حالة هنا موضحة أنها تعاني من الربو ولا تعرف هل تستعمل الدواء أم لا.. اتصلت بالممرض المداوم ليعلم Medecin المداوم فأخبرني أن الحي لا يوجد به طبيب عام!
نزل الخبر علي كالصاعقة، وفورا كتبت إلى وزير الصحة بهذه المسألة، فرد علي: “شكرا على التنبيه”.
بالأمس اتصلت بي حالة أخرى تعاني من خفقان شديد، واتصلت بالممرض وسألته هل توفر طبيب، فأجابني أن نعم، فرحت وأبلغته برغم غرفة الحالة ووصف وضعيتها فسجل البيانات ووعدني بإبلاغ الطبيب بها.
كان هذا صباحا، وفي المساء تصادفت مع الحالة المذكورة وسألتها عن وضعها، فأخبرتني أن الطبيب لم يزرها!
استغربت، واتصلت بالممرض المداوم فاعتذر قائلا إنه أضاع بيانات الحالة واعدا بتصحيح الوضعية.
قبيل صلاة المغرب تفاقمت حالة جديدة تعاني من صداع شديد وفقدان شهية رهيب، فسارعت وأحد النزلاء إلى ابلوك الإدارة، ونادينا بأعلى الصوت: “هل هناك طبيب؟”
أجابنا أحدهم أن نعم، ما ذا نريد (تساءل).
أبلغناه بالخالة ورقم الغرفة ورقم البلوك، فقال لنا إنه قادم، فمشينا أمامه وهو يتبعنا إلى أن اختفى داخل أحد البلوكات، فقلنا لعله يزور مريضا آخر، وانتظرناه بمدخل البلوك.
مرت ساعتان، والحالة تتفاقم، والطبيب لم يأت.
خرجت الحالة، إذ لم تطق صبرا، واتجهنا معها إلى ابلوك الإدارة، وأمام استمرار تجاهل الجميع، خرج غالبية النزلاء وتجمعوا أمام البلوك رافضين الدخول حتى علاج الحالة.
جاء مدير المكان مستفسرا، فأجابه المحتجون أنهم لن يتحدثوا أو يتفاوضوا قبل علاج الحالة، وانسحب أمام صيحات الاستهجان.
وفعلا، اقتادوا الحالة إلى غرفة المداومة وقاموا بعلاجها!
ومنذ الصباح وأنا أبحث عن تدخل طبي لحالة جديدة تتقيأ الدم، ولم أجد حتى اللحظة طبيبا يهتم لها.
——-
لا أجد تفسيرا لهذا الواقع، فهل الأطباء خائفون؟
أم هو الارتباك وسوء الإدارة والتنظيم؟
هل هناك عصيان مدني من الأطباء؟
وهل يخشون من الاتصال بالمرضى – وهذا حقهم – بسبب غياب معدات السلامة؟
ولم لا يصارحونا بأنهم غير قادرين على توفير طبيب واحد لكل هؤلاء النزلاء الذين يفوقون مائتين؟
على الأقل سنتدبر أمرنا بالاستشارة الحارجية، ونتيقن أن خذلتنا السلطات الصحية.
هل علينا أن نقيم الدنيا ولا نقعدها لقيام الأطباء بواجب معاينة المرضى في كل مرة؟
إلى متى يستمر هذا السقوط؟
من صفحة المدون سيدي محمد الأمين على الفيسبوك